وداعاً وزارة التعليم

في عام 1395 انضممت لوزارة التعليم ( المعارف سابقاً) وذلك كطالب مستجد بالصف الأول الإبتدائي
وفي 23 محرم 1444 وبعد خدمة ( 33 ) سنة بدأت حياتي التقاعدية ووداع وزارة التعليم.

فالتقاعد ليس نهاية بل هو بداية لنمط وأسلوب جديد في الحياة

والتقاعد ليس للسعي واللهث خلف الدنيا الزائلة
والتقاعد ليس لضياع وقتك بالكسل والنوم
والتقاعد ليس للسهر بالاستراحات أو الابتعاد عن عائلتك وإهمالهم
بل التقاعد هو استغلال ماتبقى من عمرك في أعمال تعود عليك بالنفع في الآخرة ثم بالدنيا وأنتقوم بتعديل مسار حياتك للأفضل
فبعد التقاعد سوف تعيش فراغاً أكبر وسيكون سلاح ذوحدين ويجب عليك معرفة كيف تتعامل مع هذا الفراغ
صحيح أن تغيير نمط حياتك من موظف لمتقاعد وفراق الأحبة من زملاء عمل ليس أمراً هيناً ولكن هذه سنة الحياة فسيأتي يوم سيترك كل موظف مقر عمله لأسباب متنوعة والأهم ثم الأهم ثم الأهم هو أن تودع الآخرين سواءً بتقاعد أو بغيره والجميع راضٍ عنك وأنت راضٍ عنهم وأن يذكرك الجميع وتذكرهم بكل خير وثناء ودعاء.

تحياتي وتقديري وعظيم امتناني وأشواقي لكل زميل تشرفت بمزاملته عندما كنت طالباً من المرحلة الابتدائية حتى الجامعة
أو عندما كنت معلماً أو وكيلاً أو مديراً أو مرشداً طلابياً أو عضواً في وحدة الخدمات الإرشادية بتعليم الرس حتى تقاعدي
وشكر خاص لجميع زملائي في قسم التوجيه والإرشاد ووحدة الخدمات الإرشادية من مشرفين وإداريين فعندهم توقف قطار حياتي الوظيفية أما قطار خدماتي للجميع لن يتوقف بإذن الله
ويعلم الله أني قد سامحت الجميع ( طلاباً ومعلمين وموظفين ) ولاأحمل لهم في قلبي إلا كل حب واحترام وتقدير
ورجائي وأملي وأمنيتي أن يسامحني الجميع( طلاباً ومعلمين وموظفين ) وأن لايحرمونني من دعواتهم في حياتي وبعد مماتي
فأنا والحمد لله لم ولن أترك دعواتي للجميع الأحياء منهم والأموات
ونسأل الله أن يكتب لنا نصيباً من ذلك.

أما وزارة التعليم أقول لها: يحز في نفسي أنني حصلت على ( 36 ) خطاب شكر وتقدير و( 46 )دورة تدريبية متنوعة و( أعلى درجة بالأداء الوظيفي ) طيلة سنوات خدمتي ولم أجد فرق بيني وبين غيري ممن لم يحقق أي شي من ذلك.

وإذا أردتم زيادة في إنتاجية منسوبيكم بمختلف وظائفهم وتحفيزهم وعدم إحباطهم فعليكم الابتعاد عن المساواة بين الجميع وليأخذ كل ذي حق حقه وبحسب نتاجه الوظيفي .

وقبل الختام وكما تعودت ذلك في معظم مقالاتي أوصي جميع التربويين والتربويات بالمدارس والجامعات بحسن التعامل مع كل طالب وطالبة وضرورة احترامهم والبعد عن المساس بكرامتهم فالجرح المعنوي لن يندمل مهما تقدمت السنين وربما لايسامحك كل طلابك وسترحل عن الدنيا الفانية وستبقى ذكراك التي صنعتها بنفسك ( فاترك ذكرى طيبة من بعدك )

واعلموا أن طلابنا في الوقت الحاضر لن يكونوا مثل جيلكم لذا لزاماً علينا أن نراعي الجيل الجديد الذي تشبّع من مؤثرات العصر الحديث فأنتم لاتواجهون ماصنعته تلك المؤثرات لوحدكم فأولياء الأمور يعانون مثلكم في محيط الأسرة

وتعلمون جميعاً أن الأمانة ثقيلة والمسؤولية عظيمة وبشكل خاص على من يعمل في مجال التربية والتعليم وهو مرتع خصب لبذل الجهد والإخلاص فهنيئاً لمن اغتنم هذه الفرصة قبل أن يودّع العمل لأي سبب فعليكم باستمرار التوجيه والنصح والإرشاد ولاتقتصروا على مايتعلق بالناحيةالتعليمية فقط واستمعوا لشكواهم ومقترحاتهم بصدر رحب وركزوا بشكل أكبر على من لديهم ظروف أسرية أومادية وقفوا معهم وتحسسوا احتياجاتهم فوالله لوتعلمون مايعانية بعض الطلاب والطالبات من ظروف ومشكلات أسرية ومادية حتماً سيختلف أسلوب تعاملكم معهم

ولاأقول هذا من فراغ فخبرتي بالعمل الإرشادي والمجتمعي جعلتني أقف على حالات تجعل القلب يعتصر حزناً
لذا أكرر وأقول تأكدوا من وضع أي طالب وطالبة تلاحظون عليهم أي قصور تعليمي أو تربوي أونفسي قبل أن تحكموا عليهم واحتسبوا ذلك عند الله وبإذن الله سينعكس ذلك إيجاباً عليكم وعلى أولادكم ولو بعد حين

ختاماً: أستودعكم الله الذي لاتضيع ودائعه.

2022/8/21